Search This Blog

Search The Web

الاهلي الان

Share:

Thursday, April 5, 2012

أوراق التوت المنزوعة عن جماعة الاخوان المتأسلمين

أوراق التوت

 
 
من بين إنجازات ثورة يناير أنها أسقطت تباعا أوراق التوت التى كانت تتستر بها قوى سياسية عديدة فما عاد بإمكانها من الآن فصاعدا أن تختبئ خلف أصابعها، فشكرا للثورة التى بددت أوهام بعض الواهمين ولا عذر لمن يستمر على وهمه باقيا.

●●●

انبرى دكتور محمود حسين أمين عام جماعة الإخوان المسلمين فى تبرير قرار جماعته بترشيح نائب مرشدها المستقيل المهندس خيرت الشاطر رئيسا لجمهورية مصر العربية وذلك فى المؤتمر الصحفى الذى انعقد يوم السبت 31 مارس الماضى، فماذا قال؟. ساق أمين عام الجماعة أربعة مبررات للتغير فى موقف الإخوان، تتلخص فى «رفض المجلس العسكرى تشكيل حكومة ائتلافية بصلاحيات كاملة وإقالة حكومة الجنزورى، والتلويح بحل مجلسى الشعب والشورى، وترشيح بعض المرشحين من بقايا النظام السابق، وإعاقة عمل الجمعية التأسيسية للدستور». المدخل الذى استخدمه حسين مدخل سياسى يسهل نقده. فأما الاحتجاج بعدم إقالة حكومة الجنزورى وتشكيل حكومة ائتلافية، فلا يصدق أحد قط أن عدم الصبر على الحكومة لمدة ثلاثة أشهر يمكن أن يكون مبررا لإقدام الجماعة على الدفع بأحد أبنائها مرشحا للرئاسة، خاصة مع استمرار الجماعة فى التمسك بحق سحب الثقة من الحكومة. وأما التلويح بحل المجلسين فهو يأتى فى إطار سياسة شد الأطراف بين المجلس العسكرى والجماعة، فكما تقول الجماعة عن المجلس إنه لوح بحل البرلمان فإنه يقول عنها إنها لوحت بالجهاد وتحدته بعبارة «ما بنتهددش»، وهكذا فإن قولا يناطح آخر والجهاد على أية حال لا موضع لمقارنته بحل البرلمان، ففى عهد مبارك حُل مجلس الشعب مرتين بحكمين قضائيين ولم يحدث شىء، لكن عندما أعلنت جماعات العنف السياسى الجهاد فى التسعينيات ذُقنا الأمرين. وأما ترشح بعض رموز النظام السابق لانتخابات الرئاسة فقد سبق لبعضهم الترشح فى الانتخابات البرلمانية وأسقطهم الشعب إلا قليلا، وهذا هو منطق الاحتكام للإرادة الشعبية. ثم أن كم من بقايا النظام السابق مازالوا حتى الآن أعوانا مخلصين لرئيس مجلس الشعب الحالى. أما أعجب التبريرات فهو ذلك المتعلق بالجدل حول تأسيسية الدستور، فمنبع الجدل هو الشارع وأيضا الأزهر الشريف والكنائس والقوى السياسية المدنية بينما يحاول العسكرى التوفيق بين الآراء أو هكذا يبدو، فهل يعنى ترشيح خيرت الشاطر ردعنا نحن الشعب ومعاقبتنا على رفضنا التحيز السياسى للجماعة فى تشكيل الجمعية التأسيسية؟

قارن عزيزى القارئ هذا التبرير السياسى الصرف لقرار ترشيح خيرت الشاطر بالتبريرات الذى تمتزج فيها الأخلاق بالسياسة التى ساقها طيلة عام مضى رهط من أبرز مسئولى الجماعة، (ومنهم المتحدث الرسمى باسمها الدكتور محمود غزلان) لقرار عدم الترشح الإخوانى لمنصب الرئيس. أهمية غزلان أنه المتحدث الرسمى باسم الإخوان بمعنى أنه الأقدر على تسويق قرارات الجماعة ممن عداه، فانظر ماذا قال؟. فى مقال له بعنوان «لماذا لم نرشح أو نؤيد أحدا منا فى انتخابات الرئاسة القادمة؟» نشره موقع الإخوان بتاريخ 21 مايو 2011 حدد غزلان ستة أسباب لرفض ترشيح إخوانى أو دعم مرشح إخوانى فى سباق الرئاسة، الأول أن أعضاء الجماعة «ليسوا طلاب سلطة أو راغبين فى دنيا». والثانى أن إصلاح الأمة وحفظ الصالح العام لا يتحققان «بالضرورة بتولى الرئاسة والتمكن من السلطة»، وإنما بإصلاح النفوس وتغيير الباطن. واستشهد فى هذا المقام بقول مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا ونصه «فالإخوان أعقل وأحزم من أن يتقدموا لمهمة الحكم ونفوس الأمة على هذا الحال». والثالث هو أخذ الظروف الإقليمية والدولية بعين الاعتبار بعد أن دأب النظام السابق على استخدام الإخوان «كفزاعة للداخل والخارج». والرابع أن الجماعة تتوخى دستورا يجعل «منصب الرئيس رمزا للدولة» إن اختار الشعب النظام البرلمانى أو «يقلص من صلاحياته» إن اختار الشعب النظام الجمهورى، وهو ما يعنى أنه لا مفازة لأحد فى منصب الرئيس فى كلتا الحالتين. والخامس أن الإخوان لا يريدون «احتكار السلطة» بل يريدون «إشراك القوى الوطنية والشباب المخلص فى تحمل المسئولية». والسادس أنه فى حالة تعدد المرشحين الإسلاميين للرئاسة فكيف للجماعة أن تترك أحدهم «وتنتخب غيره».

●●●

من واقع المقارنة السابقة يتضح أن الجماعة عندما غيرت قرارها لم تستطع أن تدافع عن الشق الأخلاقى والعقائدى فيه واكتفت بسوق حجج سياسية لتبريره، ومعنى هذا أن الخوض فى السياسة قد يدعو لاتخاذ قرارات يصعب الدفاع عنها أحيانا من منظور مكارم الأخلاق. بل إن غزلان نفسه فى حديثه مع أحمد طه على قناة الجزيرة مباشر مساء الأحد 1 أبريل الحالى لم يفسر أخلاقيا لماذا تحولت الجماعة من الزهد فى الدنيا إلى الإقبال عليها، ولا من التعفف عن الحكم إلى الاستحواذ عليه واكتفى بتكرار المبررات السياسية وتزكية الشاطر مرشحا للرئاسة والهجوم بقسوة على المعارضة. أكثر من ذلك فإن الزج بالدين فى السياسة يثير جملة تساؤلات فى قضية انتخابات الرئاسة أسوق منها الأسئلة التالية على سبيل المثال. السؤال الأول كيف يوفق نواب الإخوان أو لاحقا وزراء الإخوان بين ولائهم التنظيمى المطلق للجماعة التى ينتمى إليها الشاطر وبين وجوب إخضاع صلاحيات الرئيس مهما ضاقت للنقد وسياسات الحكومة للتقييم؟ لقد حذر المرشد الحالى للإخوان من ترويج الأكاذيب ضد الشاطر لأن «دعواته مستجابة»، وهذا جد خطير لأنه يجعل ذات الرئيس المقبل مصونة لا تمس ويخوفنا من نقده بالدعاء، ولكل نظام أدواته فى الترهيب من الاختلاف وتخويف المعارضين.

السؤال الثانى كيف يحظر قانون تشكيل الأحزاب السياسية انتظام تلك الأحزاب على أساس دينى ولا يمنع قانون الرئاسة الترشح لمنصب الرئيس على أساس دينى؟ إن خيرت الشاطر هو النائب السابق للمرشد ولا وضع تنظيميا له داخل حزب الحرية والعدالة فكيف به يتقدم للرئاسة عبر جماعة الإخوان؟ وأيهما أولى بالتحوط من انعكاساته على الاستقرار السياسى والوحدة الوطنية: تشكيل الأحزاب السياسية أم ترشيح رؤساء الجمهورية؟. ومع أن هناك مآخذ كثيرة يمكن إبداؤها على ترشح حازم أبواسماعيل، إلا أنه فى النهاية لم يتقدم للترشح نيابة عن جماعة دينية لكنه مرشح له خلفية إسلامية كما أن لخالد على خلفية يسارية مثلا.

السؤال الثالث كيف نطلب من كل الذين انخرطوا فى ثورة يناير أو ساندوها أن يقبلوا من الإخوان ما رفضوه بقوة من رجال النظام السابق لمجرد أن الأوائل خريجو مدرسة الإخوان؟ بعبارة أخرى كيف يمكن من باب الثقة فى دين الإخوان وأخلاقهم السماح لهم بالجمع بين السلطات وتزاوج المال والسلطة ونقل علاقات النسب والمصاهرة من المجال الخاص إلى المجال العام؟ إن دمج السلطات ماض فى طريقه بأسرع ما يكون والمرشح الإخوانى المحتمل للرئاسة رجل أعمال من الوزن الثقيل له نشاطه الواسع فى مجالات الملابس والأثاث والجلود والحواسب والمصارف، والعلاقات الأسرية بين أعضاء الجماعة حدث ولا حرج فى ظل مبدأ أن الإخوانى لا يتزوج إلا إخوانية. إزاء كل ذلك ليس أمامنا إلا حجة أن رجال مبارك شىء ورجال الإخوان شىء آخر تماما، وهذا أمر تحكم عليه الأخلاق لكن لا شأن له بالسياسة، فضلا عن أنه يفترض أن للإخوان ميزة نسبية على مجموع الشعب المصرى، وهذا مرفوض.

●●●

تتساقط إذن تباعا أوراق التوت عن القوى السياسية فى المشهد المصرى الحالى. وإذا كان هذا المقال يشير إلى قوة سياسية بذاتها فهذا مبعثه أنها صاحبة الأغلبية البرلمانية وأن أسوأ أنواع المراوغة السياسية هو الذى يمارس منها باسم الدين. إنما هذا لا ينفى بحال أن هناك العديد من القوى الليبرالية واليسارية تتكشف لنا سوءاتها تباعا فنراها كما هى لا كما تحب أن تكون، وهذا باليقين من مزايا ثورة يناير لكن لا ينبغى أن يكون ميزتها الوحيدة، فما أبأسها ثورة تلك التى تَحرفها الأحداث وتتحول بها من حركة شعبية جارفة تغير التاريخ إلى مجرد آلة من آلات كشف الكذب.

No comments:

اخبار الحوادث

الكامل فى التاريخ

البيت بيتك

اخبار التعليم و نماذج كادر المعلمين مصر